مستعمرة ألوميم
أغسطس 22, 2024سدي عزياهو
أغسطس 31, 2024
وبغية حل مشكلة الأراضي، أنشأت المنظمة الصهيونية الصندوق القومي اليهودي في المؤتمر الصهيوني الخامس سنة 1901. وجمع الصندوق القومي اليهودي الهبات عالمياً من أجل تمويل شراء الأراضي في فلسطين، واستلم أول قطعة أرض هديةً من صاحب أرض روسي صهيوني سنة 1902. وفي السنوات التالية قام بأول عمليات شراء، كما لعب سنة 1909 دوراً أساسياً في تأسيس تل أبيب . ومع انتهاء الانتداب، كانت مشتريات الصندوق القومي اليهودي من مجمل أراضي فلسطين قليلة نسبياً (أقل من ٤ بالمائة)، إلا أنها كانت تشكل نصف الأراضي التي كانت بيد اليهود في فلسطين. وهكذا، لعبت المنظمة الصهيونية، من خلال الصندوق القومي اليهودي، دوراً أساسياً في توطين اليهود المهاجرين إلى فلسطين، مقدمة لهم أرضاً يمكن أن يعيشوا ويعملوا فيها ولو لم يكن لديهم الموارد الكافية (وقلّة منهم كانت تتمتع بمثل هذه الموارد) لشراء هذه الأراضي أو استئجارها في السوق الحرة. وقد لعب الصندوق القومي اليهودي دوراً مهماً آخر بعد 1948، حين سُمِحَ له بشراء “أملاك الغائبين” –وهي أراض مطهرة عرقياً من مالكيها الفلسطينيين– من الدولة. وفي سنة 1953، تم حل الصندوق القومي اليهودي وإعادة إنشائه شركةً إسرائيلية ذات نفوذ واسع في إدارة أراضي إسرائيل (يعيِّن الصندوق 10 من 22 مديراً فيها)، وهي هيئة حكومية موكلة بإدارة الأراضي كافة التي تم تحديدها ملكاً للدولة أو للصندوق القومي اليهودي.
شرعت المنظمة الصهيونية، بعد أن أنشأت المؤسسات الرئيسية التي مكّنت الصهاينة حول العالم من دعم قيام وطن قومي يهودي في فلسطين، بتحويل هذا الدعم إلى وقائع على الأرض. في سنة 1908، افتُتح مكتب فلسطين في يافا (ترأسه آرثر روبين ) بصفته فرعاً عملياتياً للمنظمة الصهيونية، وكان دوره تمثيل اليهود القادمين إلى فلسطين في تعاملهم مع الدولة العثمانية، وتنسيق عمليات شراء الأراضي مع الصندوق القومي اليهودي. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى ووعد بلفور ، تمكّنت المنظمة الصهيونية من تبديد آخر مخاوفها، ألا وهي الموافقة الدولية على جهودها الاستعمارية. وفي سنة 1918، شكّل حاييم وايزمن ، رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني ذو النفوذ القوي ورئيس المنظمة الصهيونية في ما بعد، اللجنة الصهيونية المعنية بدراسة الظروف في فلسطين وتقديم التقارير للحكومة البريطانية، وأعاد هيكلة مكتب فلسطين إلى أقسام (الزراعة، الاستيطان، التعليم، الأراضي، المالية، الهجرة، الإحصاء) تسمح بقيام بنية تحتية شبه “دولتية” على أرض فلسطين وتحت رعاية بريطانيا. وفي سنة 1921، أعيدت تسمية اللجنة الصهيونية لتصبح الهيئة التنفيذية للحركة الصهيونية في فلسطين، ولتكون بنظر البريطانيين بمثابة الوكالة اليهودية المشار إليها في نص الانتداب.
وحتى بعد أن تم توسيع الوكالة اليهودية في سنة 1929 لتشمل الممثلين اليهود غير الصهاينة، كانت الهيئة التنفيذية للوكالة اليهودية تطابق تقريباً الهيئة التنفيذية للمنظمة الصهيونية. وبالتالي، وحتى قيام إسرائيل في سنة 1948، كانت الوكالة اليهودية تقوم فعلياً بدور شبه “دولتي” في فلسطين، بالتنسيق مع المنظمة الصهيونية، التي كانت -من جهتها- تجسد الحركة الصهيونية في نطاقها الدولي. وبعد 1948، تابعت الحركة الصهيونية من خلال مؤسساتها، دعم هجرة اليهود وتوطينهم في إسرائيل، لتقوم بالدور نفسه بعد 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلَين. وفي آب/ أغسطس سنة 1951، عقدت المنظمة الصهيونية مؤتمرها (الثالث والعشرين) في القدس للمرة الأولى، وأعادت فيه تعريف أهداف الصهيونية في (برنامج القدس ) بأنها “تعزيز دولة إسرائيل؛ وجمع المنفيين في أرض إسرائيل ؛ والعمل من أجل وحدة الشعب اليهودي”. وسنّ الكنيست، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1952، قانوناً يعترف بالمنظمة كـ”وكالة مخوّلة” بمواصلة العمل في إسرائيل لاستيعاب المهاجرين وتوطينهم في البلاد، ويخوّلها الدخول في “اتفاقية” مع الدولة. (يتم توقيع هذه الاتفاقية في سنة 1954). وفي سنة 1960، اعتمدت المنظمة الصهيونية دستوراً جديداً وأصبحت تعرف بـ” المنظمة الصهيونية العالمية “. أما هيئاتها الفرعية، بما فيها كيرين هايسود والصندوق القومي اليهودي وبنك أنجلو فلسطين (الذي أعيدت تسميته و أصبح بنك لئومي وكان بمثابة البنك القومي لإسرائيل حتى سنة 1954)، فلا تزال تعمل حتى يومنا هذا قنواتٍ بين المنظمات الصهيونية خارج إسرائيل ومشروع الدولة الاستعماري المستمر.